د. أروى محمد الشاعر تكتب:غزة بعد وقف الحرب.. صمودٌ أسقط المؤامرة وإعمارٌ يصنع المعجزة
غزة بعد وقف الحرب.. صمودٌ أسقط المؤامرة وإعمارٌ يصنع المعجزة
في غزة، حيث التحدي هوية والكرامة قدر، تشرق روح الحياة من قلب الألم، ويتحول الدمار إلى إرادة لا تُقهر. غزة ليست مجرد مكان، بل فكرة خالدة أن الحق لا يموت، وأن العزيمة تنتصر دائماً. من تحت السماء المثقلة بالصواريخ، ومن بين الأنقاض والدمار، ينهض الشعب الفلسطيني من جديد، وكأنه خُلق ليكون رمزًا للصمود وإرادة الحياة.
وقف الحرب على غزة ليس لحظة عابرة في تاريخ هذا الشعب، بل شهادة حية على بطولات لا تُعد ولا تُحصى، صنعها الرجال والنساء والأطفال بصبرهم وثباتهم، وإيمانهم العميق بعدالة قضيتهم. لم تكن هذه الحرب مجرد عدوان عادي، بل محاولة يائسة لكسر إرادة شعب عظيم. ولكن كما في كل مرة، أثبت الفلسطينيون أن الكرامة لا تُشترى، وأن الظلم، مهما طال، لا يدوم.
إلى كل من ينظر إلى فلسطين كشأن بعيد عنه: ما يحدث في غزة ليس مجرد نزاع محلي، بل معركة بين الحق والباطل، بين الحرية والظلم. العالم مدعو اليوم للوقوف إلى جانب هذا الشعب الصامد، الذي يقاتل ليس فقط من أجل نفسه، بل من أجل قيم العدالة والكرامة الإنسانية.
في هذه اللحظة الفارقة، يجب أن نعيد بناء ما دمرته الحرب، ليس فقط بالأسمنت والحجارة، ولكن بوحدة الصف الوطني، وبإصرارنا على أن نبقى متماسكين أمام كل التحديات. شعب فلسطين قدّم نموذجًا للعالم في الصمود والتضحية، ويبقى الأمل معقودًا على أن تُثمر هذه التضحيات يومًا في وطن حر ومستقل.
ارتقى الشهداء من أطفال ونساء وشيوخ وشباب إلى العُلا، تاركين وراءهم وصية واحدة: أن تبقى فلسطين حرة أبية. كل قطرة دم نزفت وكل روح أزهقت أصبحت وقودًا يُلهب عزيمة الأحياء. شهداؤنا هم نجومٌ تُنير درب النضال، وأرواحهم الطاهرة دليل على أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع بالتضحيات.
صمود غزة أجبر العالم على الإنصات لصوت الحق، وفضح ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع قضيتنا.
الحقيقة التي لا تخفى أن وقف الحرب لم يكن نتيجة ضغوط دولية أو وساطات سياسية كما يزعم البعض، بل هو ثمرة لصمود شعبنا ببطولاته وتضحياته. كفى للإدارة الأمريكية، سواء من قبل ترامب أو بايدن، ادعاء الفضل في هذا الاتفاق بعد أن قدموا الدعم العسكري والمادي والسياسي اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي، وصمتوا على جرائم الإبادة الجماعية بحق شعبنا. لقد كان صمود الفلسطينيين هو الحصن الذي جعلهم يفرضون شروطهم على العالم، وأجبروا الجميع على الإصغاء لصوت الحق.
لكن وقف الحرب لا يعني نهاية المعركة.،اليوم، من بين الأنقاض، تبدأ معركة جديدة وهي لا تقل أهمية عن معركة الصمود: البناء والإبداع. غزة ليست مجرد أرض تتلقى الضربات، بل منبع للإبداع والإصرار. مهندسون ومفكرون، أطباء ومعلمون، عمال ومزارعون، كلهم جنود على خط المواجهة الجديدة. من ركام المدارس ستنبعث قاعات العلم، ومن تحت الأنقاض ستولد مستشفيات الحياة. الإعمار لن يكون مجرد بناء حجارة، بل بناء وطن يعيد تعريف الكرامة ويُثبت للعالم أن إرادة الشعب الفلسطيني لا تقهر.
نرفع رؤوسنا بشهدائنا الأبرار وبأسرانا الأبطال الذين يقاتلون خلف القضبان. عهدنا أن تبقى تضحياتهم مشعلاً يضيء درب الحرية، وأن نواصل النضال حتى تحرير كل شبر من أرضنا.
فلسطين ستبقى، وستنتصر، لأن إرادة الحياة أقوى من كل آلات الحرب، ولأن شعبها العظيم هو رمز الكرامة التي لا تُهزم.
عاشت فلسطين حرة أبية، وعاش شعبها الذي يصنع من الألم حياة، ومن الرماد إعجازًا.